سورة الممتحنة - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الممتحنة)


        


قوله جل ذكره: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالمَوَدَةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَآءَكُم مِّنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً قِى سَبِيلِى وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِى}.
قال صلى الله عليه وسلم: «أعدى عدوِّك نَفْسُك التي بين جنبيك» وأوحى الله سبحانه إلى داود عليه السلام: «عادِ نَفْسَك فليس لي في المملكة مُناَزعٌ غيرها» فَمَنْ عادَى نَفسَه فقد قام بحقِّ الله، ومَنْ لم يعادِ نفسه لَحِقَتْه هذ الوصمة. وأصلُ الإيمانِ الموالاةُ والمعاداةُ في الله ومَنْ جَنَحَ إلى الخارجين عن دائرة الإسلام انحاز إلى جانبهم.
قوله جل ذكره: {وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَنَ يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ}.
أنا أعلم {بِمَآ أَخْفَيْتُمْ} من دقائقِ التصنُّع وخَفِيَّات الرياء.
{وَمَآ أَعْلَنتُمْ} من التزيُّن للناس.
{بِمَآ أَخْفَيْتُمْ} من الاستسرار بالزَّلة، {وَمَآ أَعْلَنتُمْ}، من الطاعة والبِرِّ.
{بِمَآ أَخْفَيْتُمْ} من الخيانة {وَمَآ أَعْلَنتُمْ} من الأمانة.
{بِمَآ أَخْفَيْتُمْ} من الغِلِّ والغِشِّ للناس، {وَمَآ أَعْلَنتُمْ} من الفضيحةِ للناس.
{بِمَآ أَخْفَيْتُمْ} من ارتكاب المحظورات، {وَمَآ أَعْلَنتُمْ} من الأمر بالمعروف.
{بِمَآ أَخْفَيْتُمْ} من تَرْكِ الحشمة مني وقلة المبالاة باطِّلاعي، وما أعلنتم من تعليم الناسِ ووَعْظِهمْ.
{وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ} فقد حاد عن طريق الدين، ووَقَعَ في الكفر.


قوله جل ذكره: {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالْسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلآَ أَوْلاَدُكُمْ}.
إنْ يَظْفَروا بكم وصادَفوكم يكونوا لكم أعداء، ولن تَسْلَموا من أيديهم بالسوءِ ولا من ألسنتهم بالذمِّ وذكْرِ والقبيح.
{وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ}: ولن يَنْفَعَكم تَوَدُّدُكُم إليهم، ولا ما بينكم وبينهم من الأرحام. ثم عقوبة الآخرةَ تُدْرِكُكُم.
وكذلك صفة المخالِف، ولا ينبغي للمرء أن يتعطَّش إلى عشيرته- وإن داهَنَتْه في قالَةٍ، ولا أن ينخدعَ بتغريرها- وإنْ لا يَنْتَه في حالة.
قوله جل ذكره: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤُاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ والْبغْضَآءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَئ}.
أي لكم قُدْوَةٌ حسنة بإبراهيم ومَنْ قبله من الأنبياء حيث تبرَّؤوا من الكفار من أقوامهم؛ فاقْتَدُوا بهم.. إلاَّ استغفار إِبراهيم لأبيه- وهو كافر- فلا تقتدوا به.
ولاَ تَسْتَغْفِروا للكفار. وكان إبراهيمُ قد وعده أبوه أنه يُؤمِن فلذلك كان يستغفر له، فَلَمَّا تَبَيَّّنَ له أنه لن يُؤمِنَ تَبرَّأ منه.
ويقال: كان منافقاً.. ولم يَعْلَمْ إبراهيم ذلك وقتَ استغفاره له.
ويقال: يجوز أنه لم يعلم في ذلك الوقت أنَّ الله لا يغفر للكفار.
والفائدةُ في هذه الآيه تخفيفُ الأمر على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بتعريفهم أنَّ مَنْ كانوا قبلهم حين كَذَّبوا بأنبيائهم اهلكهم الله، وأنهم صبروا، وأنه ينبغى لذلك أن يكونَ بالصبرِ أمرُهم.
قوله جل ذكره: {رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.
أخبر أنهم قالوا ذلك.
ويصحُّ أن يكون معناه: قولوا: {رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا}.
وقد مضى القولُ في معنى التوكل والإنابةُ.


ربَّنا لا تُظْفِرهم بنا، ولا تُقَوِّهم علينا.
والإشارة في الآية: إلى الأمرِ بِسُنَّةِ إبراهيم في السخاء وحُسْنِ الخُلُقِ والإخلاصِ والصدقِ والصبرِ وكلِّ خصلةٍ له ذَكَرَها لنا.

1 | 2 | 3